وَ مِنْهَا
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اَللَّهِ بِتَقْوَى اَللَّهِ اَلَّذِي ضَرَبَ اَلْأَمْثَالَ وَ وَقَّتَ لَكُمُ اَلْآجَالَ وَ أَلْبَسَكُمُ اَلرِّيَاشَ وَ أَرْفَغَ لَكُمُ اَلْمَعَاشَ وَ أَحَاطَ بِكُمُ اَلْإِحْصَاءَ وَ أَرْصَدَ لَكُمُ اَلْجَزَاءَ وَ آثَرَكُمْ بِالنِّعَمِ اَلسَّوَابِغِ وَ اَلرِّفَدِ اَلرَّوَافِعِ وَ أَنْذَرَكُمْ بِالْحُجَجِ اَلْبَوَالِغِ فَأَحْصَاكُمْ عَدَداً وَ وَظَّفَ لَكُمْ مُدَداً فِي قَرَارِ خِبْرَةٍ وَ دَارِ عِبْرَةٍ أَنْتُمْ مُخْتَبَرُونَ فِيهَا وَ مُحَاسَبُونَ عَلَيْهَا فَإِنَّ اَلدُّنْيَا رَنِقٌ مَشْرَبُهَا رَدِغٌ مَشْرَعُهَا يُونِقُ مَنْظَرُهَا وَ يُوبِقُ مَخْبَرُهَا غُرُورٌ حَائِلٌ وَ ضَوْءٌ آفِلٌ وَ ظِلٌّ زَائِلٌ وَ سِنَادٌ مَائِلٌ حَتَّى إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا وَ اِطْمَأَنَّ نَاكِرُهَا قَمَصَتْ بِأَرْجُلِهَا وَ قَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا وَ أَقْصَدَتْ بِأَسْهُمِهَا وَ أَعْلَقَتِ اَلْمَرْءَ أَوْهَاقَ
[ 173 ]
اَلْمَنِيَّةِ قَائِدَةً لَهُ إِلَى ضَنْكِ اَلْمَضْجَعِ وَ وَحْشَةِ اَلْمَرْجِعِ وَ مُعَايَنَةِ اَلْمَحَلِّ وَ ثَوَابِ اَلْعَمَلِ . وَ كَذَلِكَ اَلْخَلَفُ يَعْقُبُ اَلسَّلَفَ لاَ تُقْلِعُ اَلْمَنِيَّةُ اِخْتِرَاماً وَ لاَ يَرْعَوِي اَلْبَاقُونَ اِجْتِرَاماً يَحْتَذُونَ مِثَالاً وَ يَمْضُونَ أَرْسَالاً إِلَى غَايَةِ اَلاِنْتِهَاءِ وَ صَيُّورِ اَلْفَنَاءِ حَتَّى إِذَا تَصَرَّمَتِ اَلْأُمُورُ وَ تَقَضَّتِ اَلدُّهُورُ وَ أَزِفَ اَلنُّشُورُ أَخْرَجَهُمْ مِنْ ضَرَائِحِ اَلْقُبُورِ وَ أَوْكَارِ اَلطُّيُورِ وَ أَوْجِرَةِ اَلسِّبَاعِ وَ مَطَارِحِ اَلْمَهَالِكِ سِرَاعاً إِلَى أَمْرِهِ مُهْطِعِينَ إِلَى مَعَادِهِ رَعِيلاً صُمُوتاً قِيَاماً صُفُوفاً يَنْفُذُهُمُ اَلْبَصَرُ وَ يُسْمِعُهُمُ اَلدَّاعِي عَلَيْهِمْ لَبُوسُ اَلاِسْتِكَانَةِ وَ ضَرَعُ اَلاِسْتِسْلاَمِ وَ اَلذِّلَّةِ قَدْ ضَلَّتِ اَلْحِيَلُ وَ اِنْقَطَعَ اَلْأَمَلُ وَ هَوَتِ اَلْأَفْئِدَةُ كَاظِمَةً وَ خَشَعَتِ اَلْأَصْوَاتُ مُهَيْنِمَةً وَ أَلْجَمَ اَلْعَرَقُ وَ عَظُمَ اَلشَّفَقُ وَ أُرْعِدَتِ اَلْأَسْمَاعُ لِزَبْرَةِ اَلدَّاعِي إِلَى فَصْلِ اَلْخِطَابِ وَ مُقَايَضَةِ اَلْجَزَاءِ وَ نَكَالِ اَلْعِقَابِ وَ نَوَالِ اَلثَّوَابِ