القسم الأول
و قد تقدم مختارها برواية و نذكرها هيهنا برواية أخرى لتغاير الروايتين أَلاَ وَ إِنَّ اَلدُّنْيَا قَدْ تَصَرَّمَتْ وَ آذَنَتْ بِانْقِضَاءٍ وَ تَنَكَّرَ مَعْرُوفُهَا وَ أَدْبَرَتْ حَذَّاءَ فَهِيَ تَحْفِزُ بِالْفَنَاءِ سُكَّانَهَا وَ تَحْدُوا بِالْمَوْتِ جِيرَانَهَا وَ قَدْ أَمَرَّ مِنْهَا مَا كَانَ حُلْواً وَ كَدِرَ مِنْهَا مَا كَانَ
[ 135 ]
صَفْواً فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ سَمَلَةٌ كَسَمَلَةِ اَلْإِدَاوَةِ أَوْ جُرْعَةٌ كَجُرْعَةِ اَلْمَقْلَةِ لَوْ تَمَزَّزَهَا اَلصَّدْيَانُ لَمْ يَنْقَعْ فَأَزْمِعُوا عِبَادَ اَللَّهِ اَلرَّحِيلَ عَنْ هَذِهِ اَلدَّارِ اَلْمَقْدُورِ عَلَى أَهْلِهَا اَلزَّوَالُ وَ لاَ يَغْلِبَنَّكُمْ فِيهَا اَلْأَمَلُ وَ لاَ يَطُولَنَّ عَلَيْكُمْ فِيهَا اَلْأَمَدُ فَوَ اللَّهِ لَوْ حَنَنْتُمْ حَنِينَ اَلْوُلَّهِ اَلْعِجَالِ وَ دَعَوْتُمْ بِهَدِيلِ اَلْحَمَامِ وَ جَأَرْتُمْ جُؤَارَ مُتَبَتِّلِي اَلرُّهْبَانِ وَ خَرَجْتُمْ إِلَى اَللَّهِ مِنَ اَلْأَمْوَالِ وَ اَلْأَوْلاَدِ اِلْتِمَاسَ اَلْقُرْبَةِ إِلَيْهِ فِي اِرْتِفَاعِ دَرَجَةٍ عِنْدَهُ أَوْ غُفْرَانِ سَيِّئَةٍ أَحْصَتْهَا كُتُبُهُ وَ حَفِظَهَا رُسُلُهُ لَكَانَ قَلِيلاً فِيمَا أَرْجُو لَكُمْ مِنْ ثَوَابِهِ وَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ عِقَابِهِ وَ اللَّهِ لَوِ اِنْمَاثَتْ قُلُوبُكُمُ اِنْمِيَاثاً وَ سَالَتْ عُيُونُكُمْ مِنْ رَغْبَةٍ إِلَيْهِ أَوْ رَهْبَةٍ مِنْهُ دَماً ثُمَّ عُمِّرْتُمْ فِي اَلدُّنْيَا مَا اَلدُّنْيَا بَاقِيَةٌ مَا جَرَتْ أَعْمَالُكُمْ وَ لَوْ لَمْ تُبْقُوا شَيْئاً مِنْ جُهْدِكُمْ أَنْعُمَهُ عَلَيْكُمُ اَلْعِظَامَ وَ هُدَاهُ إِيَّاكُمْ لِلْإِيمَانِ