منها فِي ذِكْرِ اَلْقُرْآنِ
فَالْقُرْآنُ ؟ آمِرٌ زَاجِرٌ وَ صَامِتٌ نَاطِقٌ حُجَّةُ اَللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ أَخَذَ عَلَيْهِ مِيثَاقَهُمْ وَ اِرْتَهَنَ عَلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ أَتَمَّ نُورَهُ وَ أَكْمَلَ بِهِ دِينَهُ وَ قَبَضَ نَبِيَّهُ ص وَ فَرَغَ إِلَى اَلْخَلْقِ مِنْ أَحْكَامِ اَلْهُدَى بِهِ فَعَظِّمُوا مِنْهُ سُبْحَانَهُ مَا عَظَّمَ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُخْفِ عَنْكُمْ شَيْئاً مِنْ دِينِهِ وَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً رَضِيَهُ أَوْ كَرِهَهُ إِلاَّ وَ جَعَلَ لَهُ عَلَماً بَادِياً وَ آيَةً مُحْكَمَةً تَزْجُرُ عَنْهُ أَوْ تَدْعُو إِلَيْهِ فَرِضَاهُ فِيمَا بَقِيَ وَاحِدٌ وَ سَخَطُهُ فِيمَا بَقِيَ وَاحِدٌ وَ اِعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرْضَى عَنْكُمْ بِشَيْءٍ سَخِطَهُ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ لَنْ يَسْخَطَ عَلَيْكُمْ بِشَيْءٍ رَضِيَهُ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ إِنَّمَا
[ 512 ]
تَسِيرُونَ فِي أَثَرٍ بَيِّنٍ وَ تَتَكَلَّمُونَ بِرَجْعِ قَوْلٍ قَدْ قَالَهُ اَلرِّجَالُ مِنْ قَبْلِكُمْ قَدْ كَفَاكُمْ مَئُونَةَ دُنْيَاكُمْ وَ حَثَّكُمْ عَلَى اَلشُّكْرِ وَ اِفْتَرَضَ مِنْ أَلْسِنَتِكُمُ اَلذِّكْرَ وَ أَوْصَاكُمْ بِالتَّقْوَى وَ جَعَلَهَا مُنْتَهَى رِضَاهُ وَ حَاجَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ فَاتَّقُوا اَللَّهَ اَلَّذِي أَنْتُمْ بِعَيْنِهِ وَ نَوَاصِيكُمْ بِيَدِهِ وَ تَقَلُّبُكُمْ فِي قَبْضَتِهِ إِنْ أَسْرَرْتُمْ عَلِمَهُ وَ إِنْ أَعْلَنْتُمْ كَتَبَهُ قَدْ وَكَّلَ بِكُمْ حَفَظَةً كِرَاماً لاَ يُسْقِطُونَ حَقّاً وَ لاَ يُثْبِتُونَ بَاطِلاً وَ اِعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يَتَّقِ اَللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً 29 34 65 : 2 مِنَ اَلْفِتَنِ وَ نُوراً مِنَ اَلظُّلَمِ وَ يُخَلِّدْهُ فِيمَا اِشْتَهَتْ نَفْسُهُ وَ يُنْزِلْهُ مَنْزِلَةَ اَلْكَرَامَةِ عِنْدَهُ فِي دَارٍ اِصْطَنَعَهَا لِنَفْسِهِ ظِلُّهَا عَرْشُهُ وَ نُورُهَا بَهْجَتُهُ وَ زُوَّارُهَا مَلاَئِكَتُهُ وَ رُفَقَاؤُهَا رُسُلُهُ فَبَادِرُوا اَلْمَعَادَ وَ سَابِقُوا اَلْآجَالَ فَإِنَّ اَلنَّاسَ يُوشِكُ أَنْ يَنْقَطِعَ بِهِمُ اَلْأَمَلُ وَ يَرْهَقَهُمُ اَلْأَجَلُ وَ يُسَدَّ عَنْهُمْ بَابُ اَلتَّوْبَةِ فَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي مِثْلِ مَا سَأَلَ إِلَيْهِ اَلرَّجْعَةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ أَنْتُمْ بَنُو سَبِيلٍ عَلَى سَفَرٍ مِنْ دَارٍ لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ وَ قَدْ أُوذِنْتُمْ مِنْهَا بِالاِرْتِحَالِ وَ أُمِرْتُمْ فِيهَا بِالزَّادِ وَ اِعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لِهَذَا اَلْجِلْدِ اَلرَّقِيقِ صَبْرٌ عَلَى اَلنَّارِ فَارْحَمُوا نُفُوسَكُمْ
[ 513 ]
فَإِنَّكُمْ قَدْ جَرَّبْتُمُوهَا فِي مَصَائِبِ اَلدُّنْيَا أَ فَرَأَيْتُمْ جَزَعَ أَحَدِكُمْ مِنَ اَلشَّوْكَةِ تُصِيبُهُ وَ اَلْعَثْرَةِ تُدْمِيهِ وَ اَلرَّمْضَاءِ تُحْرِقُهُ فَكَيْفَ إِذَا كَانَ بَيْنَ طَابَقَيْنِ مِنْ نَارٍ ضَجِيعَ حَجَرٍ وَ قَرِينَ شَيْطَانٍ أَ عَلِمْتُمْ أَنَّ مَالِكاً إِذَا غَضِبَ عَلَى اَلنَّارِ حَطَمَ بَعْضُهَا بَعْضاً لِغَضَبِهِ وَ إِذَا زَجَرَهَا تَوَثَّبَتْ بَيْنَ أَبْوَابِهَا جَزَعاً مِنْ زَجْرَتِهِ