17 و من كلام له عليه السلام
في صفة من يتصدى للحكم بين الأمة و ليس لذلك بأهل 1 و فيها : أبغض الخلائق إلى اللَّه صنفان 2 الصنف الأول : إنّ أبغض الخلائق إلى اللَّه رجلان 3 . رجل وكله اللَّه إلى نفسه 4 ، فهو جائر عن قصد السَّبيل 5 ، مشغوف بكلام بدعة ، و دعاء ضلالة 6 ، فهو فتنة لمن افتتن به 7 ، ضالّ عن هدي من كان قبله 8 ، مضلّ لمن اقتدى به في حياته و بعد وفاته 9 ،
حمَّال خطايا غيره 10 ، رهن بخطيئته 11 .
الصنف الثاني : و رجل قمش جهلا 12 ، موضع في جهَّال الأمَّة 13 ،
عاد في أغباش الفتنة 14 ، عم بما في عقد الهدنة 15 ، قد سمَّاه أشباه النَّاس عالما و ليس به 16 ، بكَّر فاستكثر من جمع ما قل منه خير ممَّا كثر 17 ، حتّى إذا ارتوى من ماء آجن ، و اكتثر من غير طائل 18 ، جلس بين النّاس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره 19 ، فان نزلت به إحدى المبهمات هيّأ لها حشوا رثّا من رأيه ، ثمّ قطع به 20 ، فهو من لبس الشّبهات في مثل نسج العنكبوت 21 . لا يدري أصاب أم أخطأ 22 فإن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ 23 ، و إن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب 24 جاهل خبّاط جهالات 25 ، عاش ركّاب عشوات 26 ، لم يعضّ على العلم
[ 178 ]
بضرس قاطع 27 . يذرو الرّوايات ذرو الرّيح الهشيم 28 لا مليّ و اللَّه بإصدار ما ورد عليه 29 ، و لا أهل لما قرّظ به 30 ،
لا يحسب العلم في شيء ممّا أنكره 31 ، و لا يرى أنّ من وراء ما بلغ مذهبا لغيره 32 ، و إن أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه 33 ،
تصرخ من جور قضائه الدّماء 34 ، و تعجّ منه المواريث 35 . إلى اللّه أشكو من معشر يعيشون جهّالا ، و يموتون ضلاّلا 36 ، ليس فيهم سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حقّ تلاوته 37 ، و لا سلعة أنفق بيعا و لا أغلى ثمنا من الكتاب إذا حرّف عن مواضعه 38 ، و لا عندهم أنكر من المعروف ،
و لا أعرف من المنكر 39
[ 179 ]