و فيها حال الناس قبل البعثة و صفة آل النبي ثم صفة قوم آخرين
أحمده استتماما لنعمته ، و استسلاما لعزّته ، و استعصاما من معصيته 1 .
و أستعينه فاقة إلى كفايته 2 ، إنّه لا يضلّ من هداه ، و لا يئل من عاداه ، و لا يفتقر من كفاه 3 ، فإنّه أرجح ما وزن ، و أفضل ما خزن 4 . و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، شهادة ممتحنا إخلاصها ،
معتقدا مصاصها ، نتمسّك بها أبدا ما أبقانا ، و ندّخرها لأهاويل ما يلقانا 5 ، فإنّها عزيمة الإيمان ، و فاتحة الإحسان ، و مرضاة الرّحمن ،
و مدحرة الشّيطان 6 . و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ، أرسله بالدّين المشهور ، و العلم المأثور ، و الكتاب المسطور ، و النّور السّاطع ،
و الضّياء اللاّمع ، و الأمر الصّادع 7 ، إزاحة للشّبهات ، و احتجاجا بالبيّنات ، و تحذيرا بالآيات ، و تخويفا بالمثلات 8 ، و النّاس في فتن انجذم فيها حبل الدّين ، و تزعزعت سواري اليقين ،
و اختلف النّجر ، و تشتّت الأمر ، و ضاق المخرج ، و عمي المصدر 9 ،
فالهدى خامل ، و العمى شامل 10 . عصي الرّحمن ، و نصر الشّيطان ،
و خذل الإيمان ، فانهارت دعائمه ، و تنكّرت معالمه ، و درست
[ 232 ]
سبله ، و عفت شركه 11 . أطاعوا الشّيطان فسلكوا مسالكه ، و وردوا مناهله 12 ، بهم سارت أعلامه ، و قام لواؤه 13 ، في فتن داستهم بأخفافها ،
و وطئتهم بأظلافها ، و قامت على سنابكها 14 ، فهم فيها تائهون حائرون جاهلون مفتونون ، في خير دار ، و شرّ جيران 15 . نومهم سهود ،
و كحلهم دموع ، بأرض عالمها ملجم ، و جاهلها مكرم 16 .