الفيلسوف الفارسى الكبير
مقدمة
باسم الله تعالى وله الحمد.
في فجر القرن الحادي عشر ظهر في فارس من مدينة شيراز رجلفارسي المحتد حقيق ان يعد من اعظمالفلاسفة الاثولوجيين الذين نظروافي ملكوت السماوات والارض، وكانوا من الموقنين ، وهو صدرالدينمحمد بنابراهيم الشيرازي، وكان ظهور هذا الفيلسوف الالهي الكبير الذيسناتي على صورة جلية من حياته وشخصيتهوفلسفته في عصر كان نجمالفلسفة ضئيل النور لا ناصر لها الا فئة قليلة ممن اختارهم الله لنصر العلم،وكان رجالالفكر يستترون وراء ستار التقية حقنا لدمائهم، وكانت صولةاهل الجمود شديدة قوية، وقلم الفقهاء وخصومالفلسفة امضى من السيف،ولو لم يكن لمذهب التصوف بصيص نور وانصار قليلون من الذيناستنارت قلوبهم بنورالعقل لكان هذا الفيلسوف الالهي صريع جهل اهلعصره، وقتيل عصبيتهم، ولكان جزاؤه على علمه جزاءشهابالدينالسهروردي - القتيل الشهيد - على فكره .
هيا الشرق في كل عصر للعالم رجالا كبارا وحكماء عظماء منهم منملات البسيطة شهرته، ومنهم من ماتمجهولا في زاوية غربته، وممن لميعرفوا حق المعرفة هذا الفيلسوف الرباني الجليل الذي لا شك انه منحسناتالقرن الحادي عشر، بحق ان يعد من فطاحل الحكماء امثالابن سينا و ابن مسكويه و نصيرالدين الطوسي الفلكيوالامام الغزالي منالفرس، و ابن رشد و ابن باجة و محييالدين ابن عربي من العرب، وامثالسقراط و افلاطون وارسطو وامثال سبينوزا (1) ( Spinoza ) و مالبرانش (2) ( Malebranche ) من رجال الغرب .
اخترت للاطروحة وصف حياة هذا الفيلسوف وشخصيته واهمفصول فلسفته لاسباب:
الاول ا نه خدم اللغة العربية اعظم خدمة، اذ اخرج كنزا عظيما مندررالحكمة ولآلئ العلم من فلسفة اللاهوتوالاخلاق والتصوفوالحديثبلغة الضاد، ووضع كتبا تبلغ اربعة واربعين او خمسة واربعينكتابا ورسالة بتلك اللغة (3) ، وهذا مما زادت به ثروة العلم، فهذه الخدمةاحرى ان تقدر، ولا سيما من علماء العرب ورجال الادب فيالشرقوالغرب كافة .
الثاني: ان روح فلسفته وان غشاها حينا بالفاظ معماة - ولا تظهر الاللمتضلع من فلسفته واصطلاحه - ترفعالخلاف في كثير من المسائل التيطالما احتدم الجدال فيها بين الفلسفتين الروحية والمادية ، وان شئت قل:انها ترفع الخلاف بين عدة مسائل كان الخلاف فيها بين الفلسفتين جوهرياكالخلاف بين مذهبي ازلية المادة -العالم المادي - وحدوثها، ووجود القوةالمبعدة الخالقة المعبر عنها ( بالله )، واثبات الشعور العام المعبر عنهبالعلمله، ووجود الحكمة والغاية من الخلق في جميع اجزاء الكون وعدمها.
وهذه المسائل بحثتها في درس مذهبه الفلسفي، ثم اردفت البحث فيهذه المسائل براي هذا الفيلسوف فياثبات الشعور لذرات المادة المعبرعنها في اصطلاح الفلسفة الاغريقية بالهيولى من جماد ونبات، كرايالعالمالنباتي الهندي ( جاجاديس بوز ) . (4) .
ثم جعلت مسك الختام كلمة صدرالدين في العشق، وفيها اعترافمنه بفضل الدمشقيين ودمشق .
الثالث: ان اوجه انظار اهل العلم من الشرقيين والغربيين الى افكارهالنيرة وآرائه وفلسفته الروحية، والى كتبهالنفيسة التي هي مرآة افكارهوافكار عظماء الفلاسفة كسقراط وافلاطون وارسطو وغيرهم من فلاسفةالاغريقوالفرس والروم واتباعهم كابن سينا والفارابي وامثالهما .
ولا انتشار لكتبه القيمة الا عند الخواص من العرب والفرس ، على انقدره لم يخف على بعض علماء اوربا وكتابهافان العالم كونت دوغوبينو( Comte de Gobineau ) السفير الفرنسي الذي اقام من سنة( 1271ه . الى1274 ه .) في طهران كتب في كتابه « المذاهب والفلسفةفي آسيا الوسطى »( lazie CentraleLes Religions Etles philosophies dans ) فصولا عنه لا تتجاوز بضع صحائف .
وورد ايضا ذكره مختصرا بقلم المستشرق كليمان هوار في معلمةالاسلام التي تنشرها جماعة من المستشرقين ،ولكن الاول منها - وفقالموضوع كتابه - بحث عن ناحية اثره في الفلسفة وتاثير فلسفته في اهلعصره ، والثانياعتمد على ما كتبه الكونت دوغوبينو في كتابه المذكور،وعلى مصادر فارسية وقفنا عليها جميعها .
شيراز وطن صدر الدين
وهي من مدن ايران الجنوبية واقعة على بعد 29 درجة و 27 دقيقة منالعرض الشمالي، و 52 درجة و 40 دقيقةمن الطول الشرقي من كرينجلندن، و 60 كيلو مترا من اتلال (5) استخر الذي يسميه الافرنجبرس بليس،ويسمىايضا تخت جمشيد، اي ( عرش جمشيد ) وفيه آثار جميلةوصور بديعة هي آيات خالدة تدل على عظمة القدماء،واحرقالاسكندر هذا البناء الجميل، العجيب الصنع، الشهير باعتدال هوائه،وصفاء مائه العذب، وجمال رياضهالفتان، وبهاء حقوله، تجلت فيهالطبيعة بباهر ذلك الجمال الذي حرك اوتار سعدي الشاعر الفارسيالطائرالصيت، فقال:
خوشا تفرج نوروز خاصه در شيراز.
كه بر كند دل مرد مسافر از وطنش.
عزيز مصر چمن شد جماليوسف گل.
صبا چو در چمن او ربودى پيرهنش.
اي حبذا التفرج في نيروز (6) ، ولا سيما في شيراز التي تنسي الغريبوطنه، والمرج او الروض اصبح كعزيز مصر،والورد كجمال يوسف حيناتى الصبا اليه بشذا قميصه، وهذا وصف جميل بديع لهذا البلد الطيب،واهله اذكياءالمشاعر متلهبو الذكاء امتازوا بصفاء الروح، وجمال الصورتتدفق في خواطر كثير منهم بالشعر، مشهورون بالميلالى اللهو والترف .
بنى هذه المدينة اولا شيراز بن تهمورث، ثم جدد بناءها بعد الخرابمحمد بن القاسم ابن عم الحجاج في صدرالاسلام، وكانت معسكراللمسلمين لما هموا بفتح استخر ( اصطخر )، وكانت عاصمة آل بويهوغيرهم من الملوك،وعاصمة كريم خان الزند . وقد انجبت غير واحد منرجال العلم المشهورين من الفلاسفة الكبار والشعراء العظماءكالامامابي اسحاق الشيرازي المتوفى سنة 476 ه ، والعلامة قطبالدين محمودبنمسعود تلميذ نصيرالدينالطوسي الفلكي، وصاحب الاختيارات فيالهيئة وحل مشكلات المجسطي المتوفى سنة 710 ه ،ومصلحالدينسعدي الشاعر العارف الشهير المتوفى سنة 691 ه ، و شمسالدين حافظمحمد العارف الشاعرالمتوفى سنة 791 ه . او 794ه ، وغيرهم ممن تفتخربهم فارس .
في هذه المدينة الجميلة ولد صدرالدين، واصبح قبسا منيرا في سماءالعلم بعد حين، وفيها نمت عواطفه،واتقدت فطنته، والتهب ذكاؤه، كذلكالتربة الخصبة تنبت الزنبقة .
اسرته
هو صدرالدين محمد بن ابراهيم القوامي الشيرازي الشهير بالآخوندالاستاذ المولى صدرا .
اسرة قوام في شيراز اسرة عريقة في النسب والشرف، والقوام لقبعام لرئيس هذه الاسرة في كل عصر، ولا تزالالرئاسة قائمة فيهم الى هذاالزمن .
وراس هذه الاسرة هو القوام الذي كان معاصرا لحافظ شمس الدينالشاعر السابق الذكر، واثنى عليه في بعضقصائده بقوله:
درياى اخضر وفلك و كشتى و هلال.
هستند غرق نعمت وحاجى قوام ما.
معنى البيت: ان نعمة قوام عمت البر والبحر، بل الفلك والفلك والهلالشملتها نعمته، وهو مبالغة شعرية فيمدحه .
وشك بعضكبار علماءشيراز في نسبة صدرالدين الى هذهالاسرة،وقال على مارواه الثقات عنه:ان قوامالذيينسب اليه صدرالدين غير قوامالمعاصر لحافظ شمسالدين،ولكناشتهرت نسبتهالى هذهالاسرة الشريفة.
ولادته
ولد هذا الحبر الجليل بعد النصف من القرن العاشر الهجري علىالارجح من اب شيرازي اسمه ابراهيم، وكانوزيرا في فارس ( شيراز )،ولم تعرف سنة ولادته في الكتب التي ورد ذكره فيها، الا ان الارجح ا نهولد بعد النصفمن القرن العاشر الهجري; لان اعماله الخطيرة العلمية،ووضع تآليفه الكبيرة التي تربو على اربعة واربعين اوخمسة واربعينتاليفا وتصنيفا، ومدة اشتغاله بدرس الفلسفة والحديث والفقه والتصوف،واعتزاله في جبال ( قم )عدة سنين تاركا التاليف والتصنيف كما سيشيراليه في كلامه الآتي ذكره، كل ذلك يحتاج الى زمن اكثر منخمسين سنة،اي الخمسين سنة بعد القرن العاشر التي وقع فيها موته اذا قلنا انه ولد فيفجر القرن الحادي عشر .
ولما لم يولد لابيه الوزير ولد في مدة طويلة طلب الى الله حثيثا انيرزقه صبيا فرزقه ( صدرا ) بعد ان دعا ادعيةطويلة ، وفي ايام عديدةوبعد ان تصدق على المحتاجين والمقترين ، ولا سيما بعد ان تصدق بثلاثةتوامين (7) فوزعها على اناس فقراء مارين ولم يكن له غيرها، ومنذ طفولتهلقب الولد ( صدرا ) لفضله الكبير، واختار له مهذباحاذقا، وما عتم انظهرت عليه امارات الذكاء .
وكان والده ذات يوم وكله على البيت وعلى رعاية ما فيه، ثم ارادالوقوف على ما انفقه في المدة المذكورة، فراى انبين النفقات اليوميةثلاثة توامين في باب الحسنات، فتعجب والده الوزير من هذا الامر، وقاللابنه: ما هذا؟ قالابنه: يا ابي هذا ثمن ما يكلفك اياه ولدك، وفي صنعه هذادلالة على جوده، وان فطرته كانت تهتز للمعروف .
وروده الى اصبهان
ولما ذهب من شيراز الى اصبهان تعرف في حمام من حماماتالمدينة الى السيد ابي القاسم الفندرسكي (8) ،وكان السيد في عهده من اكابرالعلماء في علوم ماوراء الطبيعة، ولم يكن السيد يعرفه لكن لما سلم عليهقال لهالسيد: لا شك في ا نك غريب عن البلدة يا ولدي؟ قال الصدر: نعم،قال: له ومن اي بيت انت، ومن اي مدينة،ولاي سبب قدمت الى اصبهان ؟فقال: اني من فارس وقدمت الى هنا لاتمم دروسي، قال السيد على ايالعلماءتريد ان تقرا؟ قال: على من تختاره لي ، قال السيد: اذا اردت انتوسع عقلك فعليك بالشيخ بهاءالدين، اما اذااردت ان ينفتق لسانكفعليك بمير محمدباقر، فقال: اني لا اعني بلساني، فذهب الى الشيخبهاءالدين فاخذيتلقى العلم عنه من فلسفة وكلام، وكان طموحا الى انيعرف افكار اليونانيين وما دونوه في كتبهم; ولذلك كانيصرف كل دراهمهفي مشترى الكتب الفلسفية، فاجاد في كل ما سمعه عن استاذه حتى انمعلمه قال له ذات يوم: تلقيت جل علومي واعرفه بمير محمدباقر الدامادفقال له: اذهب اليه واتني منه بكتاب، وكان ذلك وسيلة لتعرفهاليه .
ولم يدر في خلد الصدر ان وراء الاكمة ماوراءها، فواجه الاستاذالمنطقي من غير ان يخامره ريب، وفي ذلك الوقتكان مير محمدباقر يعلمفسمع الصدر درسه ، ولما عاد التلميذ الى استاذه قال له شيخه: ما كانيفعل ميرمحمدباقر؟ قال: كان يدرس، فقال شيخه: اني لم اكن محتاجا الىطلب كتاب من مير محمدباقر انما اتخذتهذه الوسيلة لكي اعرفكبدروسه وتحكم بنفسك على مقدرة علمه، فينبغي ان تتلقى علومه،فاطاعه الصدر، وفيبضع سنوات بلغ الدرجة القصوى من البلاغة وهيالدرجة التي عرف بها .
آراء الفقهاء في اعتقاد صدرالدين
وهذا الفيلسوف كامثاله من الفلاسفة الاحرار ذوي الافكار النيرةلميسلم من الانتقاد المر والتحقير، واصبح هدفالسهام اللوم والتكفير،وهناك بعض الاقاويل في شانه من مقاربي عصره ومعاصريه .
قال السيد نعمة[الله] التستري (9) :
« لما وردت شيراز لم اتكل الا على ولد صدرالدين الشيرازيواسمه ميرزا ابراهيم، وكان جامعا للعلوم العقليةوالنقلية فاخذتعنه شطرا من الحكمة والكلام، وقرات عليه حاشيته على حاشيةشمس الدين الخفري على شرحالتجريد، وكان اعتقاده في الاصولخيرا من اعتقاد ابيه، وكان يتمدح ويقول: اعتقادي في اصول الدينكاعتقادالعوام، وقد اصاب في هذا التشبيه » .
وقال الشيخ يوسف البحراني (10) :
« ولصدرالدين ابن فاضل اسمه ميرزا ابراهيم، وكان فاضلا متكلماجليلا نبيلا عالما لاكثر العلوم، ولا سيما فيالعقليات والرياضيات.قال بعض اصحابنا بعد الثناء عليه: هو في الحقيقة مصداق قولهتعالى: « يخرج الحي منالميت » قد قرا على جماعة منهم والدهولميسلك مسلكه، وكان على ضد طريقة والده في التصوفوالحكمة » . (11) .
وقال صاحب روضات الجنات (12) :
«( وكانه سلك الطريقة الوسطى ) ويوجد في غير واحد من مصنفاته- اي مصنفات صدرالدين - كلمات لا تلائمظاهر الشريعة، كا نهامبنية على اصطلاحاته الخاصة، او محمولة على ما لا يوجب الكفر،وفساد اعتقاد له بوجه منالوجوه وان اوجب ذلك سوء ظن جماعةمن الفقهاء الاعلام به وبكتبه، بل افتى طائفة منهم بكفره ». (13) .
فمنهم من ذكر في وصف شرحه على الاصول ( اصول الكافي ) (14) شروح الكافي كثيرة جليلة قدرا، واول منشرحه بالكفر ( صدرا ) وقالالشيخ يوسف البحراني السابق الذكر في شان تلميذه المحسن الفيضالآتي ذكره:
« له من المقالات على مذهب الصوفية والفلاسفة ما يكاد يوجبالكفر والعياذ بالله مثلما يدل في كلامه على القولبوحدة الوجود،وقد وقفتبه على مقالة قبيحة صريحة في القول بوحدة الوجود قدجرى فيها على عقائد ابن عربي، واكثر فيها من النقل عنه ان عبرعنه ببعض العارفين، وقد اوردنا جملة من كلامه في تلك المقالةوغيرها فيرسالتنا (15) في الرد على مقالته نعوذ بالله من طغيان الافهاموزلل الاقدام، وقد تلمذ في الاصول - اي اصولالعقائد - للمولىصدرالدين الشيرازي، ولذا كانت كتبه الاصولية على قواعدالصوفية والفلاسفة، بل كان في عصرههدفا لسهام لوم اكثر عارفيهمن اهل الجمود ايضا على انا نجد قليلا من معاصريه ومقاربيعصره الذين لم يعشواعن نور الحق يعظمونه ويبجلونه حق تعظيمهوتبجيله » . (16) .
قال السيد علي خان صاحب سلافة العصر في ضمن ترجمةالملافرجالله التستري المعاصر له ما نصه:
« قال مؤلف الكتاب ( عفا الله عنه ): اعيان العجم وافاضلهم من اهلهذه المائة كثيرو العدد، ومنهم المولىصدرالدين محمد بن ابراهيمالشيرازي الشهير بالملاصدرا، كان اعلم اهل زمانه بالحكمة، متفننابسائر الفنون ،له تصانيف كثيرة عظمية الشان في الحكمةوغيرها » . (17) .
وقال صاحب امل الآمل:
« محمد بن ابراهيم الشيرازي فاضل من فضلاء المعاصرين ». (18) .
ثم نقل نص عبارة صاحب السلافة الآنفة الذكر .
وقال الشيخ يوسف البحراني:
« محمد بن ابراهيم صدرالدين الشيرازي الشهير بالمولى صدرا كانحكيما فيلسوفا صوفيا بحتا » . (19) .
وقال صاحب روضات الجنات من المتاخرين:
« صدرالدين محمد بن ابراهيم الشيرازي الشهير بالمولى صدرا كانفائقا على سائر من تقدمه من الحكماءالباذخين والعلماء الراسخينالى زمن نصير الدين، يعني نصير الدين الطوسي الفلكي الفيلسوفالمتوفى سنة606 ه ». (20) .
ان من درس هذه الكلمات يعلم ان السير على آثار الآباء، والتقليد فيالعقائد الدينية، وترك الاهتداء بنور العقلوالفلسفة كانت في ذلك العصر اوصافاتعد فضيلة لصاحبها، وفيها حياة له، كما ان، في الفلسفة موتا للفيلسوف .
نقل مؤلف كتاب قصص العلماء (21) :
«ان ملامحراب علي الاصبهاني - احد العرفاء الصوفيين المعاصرينلابيه الشيخ سليمان - وجد يوما الملا محمدكاظم الهزارجريبي عندقبر الحسين(ع) في كربلاء اخذ بعد صلاة الصبح يلعن كبار العرفاءالصوفيين واحدا بعدواحد حتى لعن المولى صدرا مائة مرة، ثم لعنالملا محراب علي، فسال الملا محراب علي - وهولايعرفالملامحراب علي - عن سبب لعنه له قال: انه يعتقد بوحدة واجبالوجود، فقال له: فالعنه فانه حقيقبلعنك بهذه العقيدة، ولم يكنيميز بين الاعتقاد بوحدة الوجود، ووحدة واجب الوجود». (22) .
وفاته
اتفق الشيخ يوسف البحراني وصاحبا امل الآمل (23) وروضات الجناتعلى انه توفي في ضمن العشر الخامس منالمائة الحادية عشرة ،وخالفهم محمد حسن خان - صنيع الدولة - مؤلف كتاب « منتظمناصري (24) » الذي وضعهفي وقائع السنين في الشرق والغرب، وسميالكتاب باسم الشاه ناصر الدين القاجاري، قال في صفحة 196 ، منكتابه:« ان صدرالدين توفي في سنة 1059 ه . - 1649م . وحدثت وفاته فيالبصرة حين توجهه الى مكة » .
كلماته وشكواه من اهل عصره
يظهر من بعض كلماته ا نه سئم جهلة اهل عصره، يقول في ديباجةكتابه « الشواهد الربوبية » بعد الحمد واصليعلى نبيه وآله المطهرين - منظلمات الخواطر المضلة - المحفوظين في سماء قدسهم وعصمتهم ، عنطعناوهام الجهلة، واستعيذ به من جنود الشياطين ، ثم قال: « اللهم اجعلقبور هذه الاسرار صدور الاحرار » (25) وقالفي فاتحة كتابه « الاسفار » بعدبيان عزمه على تصنيفه:
« ولكن العوائق كانت تمنع عن المراد، وعوادي الايام تضرب دونبلوغ الغرض بالاسداد، فاقعدتني الايام عن القيام، وحجبني الدهرعن الاتصال الى المرام لما رايت من معاداة الدهر بتربية الجهلةالارذال، وشعشعة نيران الجهالةوالضلال، ورثاثة الحال، وركاكةالرجال، وقد ابتلينا بجماعة غاربي الفهم تعمش عيونهم عن انوارالحكمة واسرارها ،تكل بصائرهم - كابصار الخفافيش - عن اضواءالمعرفة وآثارها، يرون التعمق في الامور الربانية والتدبر فيالآياتالسبحانية بدعة، ومخالفة اوضاع جماهير الخلق من الهمج الرعاعضلالة وخدعة . . . » .
الى ان قال:
« فاصبح الجهل باهر الرايات، ظاهر الآيات، فاعدموا العلم وفضله،واسترذلوا العرفان واهله، وانصرفوا عن الحكمةزاهدين، ومنعوهامعاندين، ينفرون الطباع عن الحكماء، ويطرحون العلماء العرفاءوالاصفياء، وكل من كان في بحرالجهل والحمق اولج وعن ضياءالمعقول والمنقول اسرج كان الى اوج القبول والاقبال اوصل ، وعندارباب الزماناعلم وافضل:
كم عالم لم يلجبالقرع باب منى.
وجاهل قبل قرع الباب قد ولجا.
وكيف ورؤساؤهم قوم اعزل من سلاح الفضل والسداد ، عاريةمناكبهم عن لباس العقل والرشاد » (26) .
يشير هذا الكلام الى ان صدرالدين لم يكن يستطيع من التصريح بفلسفتهكما ياتي النص عليه في كلامه فيمبحث علم البارئ تعالى، حيثيقولفي رايه في علمه تعالى: انه لايرى في التصريح به مصلحة، وتنبه علىذلكمن درس حياة صدرالدين من الافرنج، ففي كتاب « الكنتدو كوبينو » ومعلمة الاسلام الانجليزية: ان صدرالديناخفى مذهبهمن باب التقية - الكتمان - خوفا من اضطهاد المجتهدين له، وغشاهقصدا بالفاظ معماة، ومقالتهثشكوى من اهل الجمود ومتفقهة عصرهالذين دابهم في كل عصر ومصر محاربة احرار الافكار بسلاح الدينوانكانوا لا يعرفون من الدين الا قشره، وهم ابعد من لبه كبعد السماءوالارض .
اهل الجمود والعوام في نظره
نظر صدرالدين الى اهل الجمود والعوام بالاحتقار، يقول في اول كتابهالاسفار بعد وصف فضل الفلسفة وا نهاطريق معرفة الحق الوحيد:
« وليعلم ان معرفة الله تعالى وعلم المعاد وعلم طريق الآخرة ليسالمراد بها الاعتقاد الذي تلقاه العامي او الفقيهوراثة وتلقفا، فانالمشغوف بالتقليد والمجحود على الصورة لم ينفتح له طريقالحقائق كما ينفتح للكرام الالهيين» (27) .
ويقول: « اني لاستغفر الله كثيرا مما ضيعتشطرا من عمري في تتبعآراء المتفلسفة والمجادلين من اهل الكلام .. . حتى تبين لي آخرالامر بنور الايمان وتاييد الله المنان ان قياسهم عقيم، وصراطهم غيرمستقيم » .
تاثير معارضة اهل الجمود للفلسفة في نفسه
لما لم يجد اقبالا عليه وعلى الفلسفة من اهل عصره كما يريد سئموخمد خاطره الفياض، وترك التدريسوالتاليف مدة من الزمن، يقول فيكتابه الكبير:
« ضربت عن ابناء الزمان صفحا، وطويت عنهم كشحا، فالجانيخمود الفطنة وجمود الطبيعة لمعاداة الزمان،وعدم مساعدة الدورانالى ان انزويت في بعض نواحي الديار [لعله يشير الى هجرته الىبعض جبال قم] (28) واستترت بالخمول والانكسار، منقطع الآمال،منكسر البال، متوفرا على فرض اؤديه، وتفريط في جنب اللهاسعىفي تلافيه، لا على درس القيه، او تاليف اتصرف فيه; اذ التصرف فيالعلوم والصناعات، وافادة المباحث ودفعالمعضلات، وتبيينالمقاصد ورفع المشكلات مما يحتاج الى تصفية الفكر وتهذيبالخيال عما يوجب الملالوالاختلال، واستقامة الاوضاع والاحوالمع فراغ البال، ومن اين يحصل للانسان - مع هذه المكاره التييسمعويرى من اهل الزمان، ويشاهد مما يكب عليه الناس في هذاالاوان من قلة الانصاف، وكثرة الاعتساف، وخفضالاعاليوالافاضل، ورفع الاداني والاراذل، وظهور الجاهل الشرير، والعاميالنكير على صورة العالم النحرير وهيئةالحبر الخبير، الى غير ذلكمن القبائح والمفاسد الفاشية اللازمة والمتعدية - مجال المخاطبة فيالمقال، وتقريرالجواب عن السؤال فضلا عن حل المعضلاتوتبيين المشكلات ؟» (29) .
ثم تمثل برباعي من رباعيات الفرس وهو:
از سخن پر در مكن همچون صدف هر گوش را.
قفل گوهر ساز ياقوت زمرد پوش را.
در جواب هر سؤالي حاجت گفتار نيست.
چشم بينا عذر مىخواهد لب خاموش را.
1 - معناه لا تجعل كثيرا كل اذن غير واعية مشحونة كالاصداف بدررالمعاني.
2 - واقفل شفتيك الياقوتتين.
3 - لا حاجة للمقال في جواب كل سؤال.
4 - فان العين البصيرة تعذر الشفة الساكتة للانسان .
ثم اقتبس كلام اميرالمؤمنين علي - عليه السلام - وقال:
اقتفيت اثر علي عليه السلام.
«مطلقا الدنيا مؤثرا الآخرة على الاولى . . . فامسكت عناني عنالاشتغال بالناس ومخالطتهم، وايست منمرافقتهم ومؤانستهم،وسهلت علي معاداة الدوران ومعاندة ابناء الزمان، وخلصت عنانكارهم واقرارهم، وتساوىعندي اعزازهم واضرارهم، فتوجهتتوجها غريزيا نحو مسبب الاسباب، وتضرعت تضرعا جبليا الىمسهل الامورالصعاب، فلما بقيت على هذه الحال من الاستتاروالانزواء والخمول والاعتزال زمانا مديدا وامدا بعيدا،اشتعلتنفسي لطول المجاهدات اشتعالا نوريا، والتهب قلبي لكثرةالرياضات التهابا قويا، ففاضت عليها انوارالملكوت، وحلتبهاخبايا الجبروت، ولحقتها الاضواء الاحدية وتداركتها الالطافالالهية، فاطلعت على اسرار لماكن اطلع عليها الى الآن، وانكشفتلي رموز لم تكن منكشفة هذا الانكشاف من البرهان، بل كل ماعلمته منقبل بالبرهان عاينته مع زوائد بالشهود والعيان » (30) .
وانت تعلم ايها القارئ ان هذه الكلمات التي ملؤها الشكوى منالجهل والجاهل وعصر الجهل لا تصدر الا عننفس رجل بلغ في العلموتزكية النفس مرتبة رفيعة، وحاول ان يستضيء الناس بنبراس علمه،ويسلكوا سبيلالهدى الامثل، ويتبعوا نور شمس العقل الاجمل .
ثم وجد الاقدار تجريعلى خلاف مايرومه فتغر الجاهلوتكرمه،وتذل العالم وتلجمه،وراى من اتبع نورالعقلاصبح هدفا لسهامالجهل،فسئم منالحياة وقطع عنها كل الصلات، ونظر الى العالم نظر المتحير،وطلبالنجاةمن اللهالعزيزالقدير، وكانتحاله في تركه وطنه،وانزوائه فيجبال قم، واستظلاله تحت ظلالالسكون، والوحدةللتفكر في ملكوتالسماوات والارض،والتامل في الاسرارالالهية تشبه حال الامام«الغزالي» في تركه بغداد،وتاملاتهفي القدس والشام،فكلاهما جعلاتهذيب النفس بالرياضة والمجاهدة، وتحليتها بالفضائل،وتخليتها عنالرذائلسبيلهما الموصل الى اللهالجليل،والعارج بهما من مرتبة البرهانالى عالمالشهود والعيان، ذاك عاد بعد سنينالى بغداد فسلك سبيلالارشاد، وهذا نزل من جبال قم وفجر عين خاطره الفياض فصنف وا لفواجاد.
حالة ايران العلمية في العصر الصفوي
يحسن بنا ان نذكر كلمة فيحالة ايران العلمية في العصر الصفويلتتسع بها احاطة القارئ الكريم بنواحي البحث .
ان من جال ديار الفرس ونظر الى مدارسها المبنية في عصر الملوكالصفويين يتمثل امامه سعي هؤلاء الملوكالعظماء وامرائهم ورجالهم فينشر العلوم، ولا سيما علوم الدين، فانه يجد في اصفهان كرسي المملكةالصفويةوسائر ديار ايران معاهد علمية، ومدارس فخمة بنيت على الطرزالقديم تلالا قبابها الزرقاء بين اشجار وازهاروبساتين ورياحين،وحجرات الطلاب مطلة عليها، وجدرانها مزينة بالفسيفساء على اجملطرز تسحر العيونكثيرا ما نقشت فيها آيات قرآنية ونصوص دينية،فصورة قطعة من مدرسة الخان في شيراز التي تراها في ضمنهذه الرسالةتمثل لديك جمال البناء في القرنين العاشر والحادي عشر وهندسته فيايران، وكانت عناية هؤلاءالملوك والامراء والذين اتبعوهم باحسان لنشرالعلم سببا لوقف املاك كثيرة من اراض ومزارع وقرى لصرفها فيسبيلالعلم ونشره وترقية طلبته .
فبقية تلك الاملاك الموقوفة في العصر الصفوي الآن في ايران يبلغثمنها ملايين من الجنيهات، وكان هؤلاءالملوك ورجالهم بانفسهميتفقدون حال طلبة العلم، ويكرمونهم غاية الاكرام .
وفي كتاب المذاهب والفلسفة في آسيا الوسطى ان ام الشاه عباسالصفوي الكبير على جلالتها مع جماعة منالاميرات الشريفات كن ياتينالمدارس في كل شهر مرة ويسالن عن حال الطلاب، ويجمعن ثيابهمليغسلناوساخها، ويعطينهم ثيابا جديدة لئلا يشتغلوا بغير الدرس، وهذاالصنع الجميل يدل على كبير اهتمامهم بنشرالعلم وترقية شؤون الدين فيهذه المعاهد العلمية .
كان الطالب يتلقى دروسه من الصرف والنحو والمنطق والمعانيوالبيان، وسائر فروع العلوم العربية والادبيةوالفقه واصوله والحديثوالكلام، والعلوم الرياضية بجميع فروعها والاخلاق وقليل من الفلسفةالاغريقية والحكمةالفهلوية على خفاء; لان الفلسفة كانت تعد مخالفةلمبادئ الدين .
تلقيه علومه وفلسفته
ولما اتم صدر الدين دروسه الاولية في شيراز رحل الى اصبهانحيث كانت مجمع رجال العلم والحكمة، ومقتبسنور العرفان فيايران،وفيها كبار العلماء والحكماء والاساتذة والمدرسين امثال: بهاءالدينالعاملي، والمير محمدباقر الداماد، والمير الفندرسكي الآتي ذكرهم، وكانالطلبة يقصدونهامن الاقطارالفارسية القريبة والنائية لتلقيالعلومالعاليةفيها.
اساتذته
لا شك ان نفس مثل صدرالدين الظماى الى رشف كاس العلموالحكمة لا تقنع باساتذة قليلين، فظني قوي ا نهادرك كثيرا من شيوخالعلم والحكمة والادب في عصره الا ان اساتذته المشهورين هم الشيخالامام الجليل بهاءالدين العاملي، والفيلسوف الالهي المير محمدباقرالحسيني الشهير بالداماد (31) ، وكانا باصبهان، والاول هو العالمالطائر الصيتبهاءالدين محمدبن حسينبن عبدالصمدالعاملي الحارثي الهمداني،ولد فيبعلبك عند غروبالشمس يوم الاربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة الحرامسنة953ه . (ثلاث وخمسين وتسعمائة) وصاحبالشاهعباس الصفويوتوفي في 12شوال سنة1030ه . باصبهان، ونقل قبل دفنه الى طوس«خراسان»، ودفن فيجوار قبر الامام عليبن موسىالرضا عليهالسلام،وقبره مشهور فيه .
واشهر كتبه: تشريح الافلاك - رسالة نسبة ارتفاع اعظم الجبال الىقطر الارض وخلاصة الحساب - رسالة فيبيان ان انوار الكواكبمستفادة من الشمس - رسالة في حل اشكال القمر وعطارد، وتفسيرهالمسمى بالعروةالوثقى .
فوض اليه منصب شيخ الاسلام من الملك الصفوي، وكان هذاالمنصب ذا اهمية كبرى في ذلك العصر .
والثاني هو محمدباقر بن محمد الحسيني فيلسوف الهي جليل، وفقيهنبيل، كان شاعرا يجيد الشعر بالفارسيةوالعربية، وخطيبا مصقعا خطبخطبة الملك في جامع اصبهان يوم جلس فيه الشاه صفي الصفوي علىعرشالملك، وصاحب للشاه عباس الكبير . توفي سنة 1040 ه . علىراي صاحب منتظم ناصري، وسنة 1041ه . على ماذكره صاحب املالآمل .
واشهر كتبه: القبسات ، والصراط المستقيم ، والحبل المتين ، وشارعالنجاة في الفقه ، وعيون المسائل لم يتم ،كتاب نبراس الضياء ، خلسةالملوك ، الرواشح السماوية وهو في علم الحديث والدراية - ونسخة منهذا الكتابكانت موجودة عند صاحب روضات الجنات بخط صدرالدين- كتاب السبع الشداد ، الضوابط ، الايماضاتوالتشريقات ، شرحالاستبصار ، سدرة المنتهى في تفسير القرآن ، وله رسالة في ان المنتسببالام الى هاشم منالسادات الكرام على ما اختاره العلامة جمال الدينالقاسمي الدمشقي، وله ايضا حواش على الكافي، وكتاب من لايحضرهالفقيه، وهما من اهم كتب الحديث .
والمير الفندرسكي الذي ارشده اليهما هو ابوالقاسم الفندرسكي،وفندرسك من نواحي استراباد ايران (32) ، حكيمالهي صوفي زاهد شاعر، كانبارعا في العلوم الرياضية والفلسفة، وارتاض في الهند مدة مديدة وبعد انعاد منالهند الى العراق دعا اهل العلم الى مسلكه، توفي بين سنة 1030ه . و سنة 1040 ه .
تلامذته المشهورون
ومن اشهر تلامذته محمد بن مرتضى المدعو بمحسن الفيض، وهوختن صدرالدين، كان عالما محدثا صلبا كثيرالطعن على المجتهدين، وقدسبق كلام صاحب، لؤلؤة البحرين الشيخ يوسف البحراني في مسلكهالتصوفي، تلمذفي الحديث على السيد ماجد البحراني في مدينة شيراز ،وفي اصول العقائد على الفيلسوف صدر الدين محمدبن ابراهيم، وله آثارعلمية افرد لها فهرستا منها: كتاب الصافي في تفسير القرآن الكريم ( طبعفي ايران ) .
واكثر كتبه اخلاقية على سبيل العرفان في السير والسلوك، وهي تشبهكتب الغزالي، ومنها: كتاب المحجةالبيضاء في احياء الاحياء، وكتابمحجة الحقائق في اسرار الدين، وكتاب تشريح العالم في بيان العالمواجسامهوارواحه وكيفيته وحركات الافلاك والعناصر وانواع البسائطوالمركبات، وكتاب حدوث العالم ، وراه صواب ( ايطريق الصواب )بالفارسية في سبب اختلاف اهل الاسلام في المذاهب، وكتاب ابطالالجواهر الافراد ، وفهرستالعلوم شرح فيه انواع العلوم واصنافها .
قال السيد الجزائري (33) تصانيف استاذي الفيض تربو على مائتي كتابورسالة .
ومنهم المولى عبدالرزاق بن علي بن حسين اللاهيجي الجيلاني ثمالقمي كان حكيما متشرعا ومتكلما محققاومنشئا بليغا ومنطقيا، وشاعراجليلا له مصنفات كثيرة في الحكمة والكلام، منها: كتابه المشهور بگوهرمراد ،كتاب شرح تجريد نصيرالدين الطوسي الفيلسوف، وهذا الكتاب فيالامور العامة ، كتاب الشوارق في الحكمة ،شرح الهيا كل في حكمةالاشراق ، الكلمات الطيبة في المحاكمة بين المير الداماد وتلميذهصدرالدين في اصالةالماهية والوجود ، رسالة حدوث العالم ، حاشيتهعلى حاشية الخفري على الهيئات ، شرح التجريد ، حاشيته علىشرحالاشارات لنصير الدين الطوسي الفلكي ، وكان قد درس على صدرالدين،وكان مدرسا بمدرسة قم الى انتوفي بها بعد النصف من القرن الحاديعشر» .
وردت كلمة موجزة في معلمة الاسلام الانجليزية عن صدرالدينبقلم العالم المستشرق كليمان هوار . وعد منتلاميذه القاضي سعيد القمي،ولكن ترجمته تفيد ا نه تلمذ على محسن الفيض تلميذ صدر الدين، وهوالقاضيسعيد محمد بن محمد مفيد، حكيم اديب عارف، تولى القضاء فيقم، وتلمذ على محسن الفيض الذي سبق ذكره ، وله كتاب كبير شرح بهتوحيد الصدوق (34) في عدة اجزاء، ومنه نسخة في خزانة كتبنا، وهو شرحنفيس يشتملعلى انفس مباحث اللاهوت والعرفان (35) ، وكان معظما عندالشاه عباس الصفوي الثاني وامرائه . قرا الحكمياتعلى المولىعبدالرزاق اللاهيجي بقم، وتوفي هناك، ولا يعلم على التحقيق سنة وفاته،والمظنون ان وفاته كانتفي اواخر القرن الحادي عشر او اوائلالثاني عشر (36) .
تاليفاته الفلسفية
1 - كتابه الكبير الاسفار، وهو مرآة فلسفته الجلية، صنفه في جبال قمبعد تاملاته العرفانية الفلسفية، في فاتحتهيقول بعد الشكوى من العصرواهله في زمن انزوائه في بعض الديار - كما اسلفنا، - ثم اهتز الخامد مننشاطي،وتموج الجامد من انبساطي - الى ان قال:
« فصنفت كتابا الهيا للسالكين المشتغلين بتحصيل الكمال،وابرزت حكمة ربانية للطالبين لاسرار حضرة ذيالجلالوالجمال » (37) .
وترتيبه هكذا:
السفر الاول : وهو الذي من الخلق الى الحق في النظر الى طبيعةالوجود وعوارضه :
و الثاني السفر بالحق في الحق .
والثالث السفر من الحق الى الخلق بالحق .
والرابع السفر بالحق في الخلق .
ثم قال:
« فرتبت كتابي هذا طبق حركاتهم في الانوار والآثار على اربعةاسفار، وسميته بالحكمة المتعالية في الاسفارالعقلية » (38) .
ولا يخفى ما في هذا القول من النزعة الصوفية مع ان الكتاب يحتويعلى اهم المباحث الفلسفية الالهية، بلجميعها، طبع في ايران قبل عدةسنين .
وهم الكونت دوغو بينو وزعم ان هذا الكتاب الكبير اربع رحلاتكتبها صدر الدين في اسفاره، فانه لما ذكر عددتآليفه وقال: فضلا عن ذلكوضع اربع رحلات، ووهمه نشا من اسم الكتاب مع ا نه اهم تآليفه ومرآةافكاره الفلسفية، ولم يتدبر في موضوع الكتاب .
2 - كتاب الواردات القلبية.
3 - كتاب المسائل القدسية والقواعد الملكوتية.
4 - كتاب الحكمة العرشية.
5 - كتاب المشاعر.
شرحهما الشيخ احمد زين الدين الاحسائي مؤسس مذهب الشيخية( طبع في ايران ) .
6 - كتاب الشواهد الربوبية، وهو من افضل كتبه الفلسفية واعلاها( طبع في ايران ) .
7 - كتاب المبدا والمعاد، وحاول ان يوفق فيه بين الدين والفلسفة .
8 - كتاب في حدوث العالم، وفيه اهم آرائه الفلسفية .
9 - كتاب شرح الهداية .
10 - حاشية على الهيات الشفاء للرئيس ابن سينا الفيلسوف .
11 - حاشيته على شرح حكمة الاشراق للسهروردي .
12 - اجوبة على مسائل عويصة .
13 - اجوبة على مسائل سالها المحقق الطوسي الفيلسوف عن بعضمعاصريه، ولم يات المعاصر بجوابها .
14 - رسالة في حل الاشكالات الفلكية ذكر اسمها في بحث غاياتالافعال الاختيارية في الاسفار .
15 - رسالة في تحقيق اتصاف الماهية بالوجود ( طبع في ايران ) .
16 - رسالة اكسير العارفين في معرفة طريق الحق واليقين .
17 - رسالة في اثبات الشوق للهيولى - المادة - او ذراتها .
18 - رسالة في اتحاد العاقل والمعقول .
19 - رسالة في خلق الاعمال .
20 - رسالة في الحركة الجوهرية، وهي نظرية تفرد بها صدرالدين .
21 - رسالة في سريان الوجود، وهي من انفس تآليفه .
22 - رسالة في الحشر .
23 - رسالة في التصور والتصديق .
24 - رسالة في التشخص .
25 - رسالة في القضاء والقدر .
26 - رسالة اسمها الالواح العمادية .
تآليفه الدينية
وله تآليف دينية من تفسير وحديث، ولكنه انقاد فيها الى الفلسفة اكثرمن انقياده الى الدين ، منها مجموعةتفسير لبعض سور القرآن الكريم وآية( طبع في طهران ) تحتوي على 12 رسالة:
1 - تفسير سورة البقرة .
2 - تفسير آية الكرسي .
3 - تفسير آية النور، هذه الرسالة موجودة الآن بخط صدرالدين فيشيراز عند السيد عبدالحسين ذيالرئاستين العارف الشهير .
4 - تفسير سورة الم سجدة .
5 - تفسير سورة يس .
6 - تفسير سورة الواقعة، كان موجودا بخط صدرالدين عند صاحبروضات الجنات .
7 - تفسير سورة الحديد .
8 - تفسير سورة الجمعة .
9 - تفسير سورة الطارق .
10 - تفسير سورة سبح اسم ربك الاعلى .
11 - تفسير سورة اذا زلزلت .
12 - تفسير آية ( وترى الجبال تحسبها جامدة ) طبعت هذه الرسائلبخط سقيم في ايران .
13 - رسالة اسرار الآيات .
14 - كسر اصنام الجاهلية في كفر جماعة الصوفية، وليعلم انالتصوف في كل عصره كان يطلق على جماعة منالدراويش الاباحيين،ولكن العقليين والاخلاقيين من المتصوفة كان يطلق عليهم في ذلك العصربالعرفاء .
15 - كتاب مفاتيح الغيب ( طبع في ايران ) .
16 - كتاب شرح اصول الكافي تصنيف ابي جعفر محمد بن يعقوببن اسحاق الكليني الرازي المحدث الاماميالشهير المتوفى في سنة( 328 ) او ( 329 ه .) .
قال صاحب روضات الجنات: انه ارفع شرح كتب على احاديث اهلالبيت من الائمة عليهم السلام، وقد سلف مناقول البعض ان اول من شرحهبالكفر صدرا، كم فرق بين النظرين ؟
17 - حواشيه على كتاب الرواشح لاستاذه الداماد، وكانتبخطه عندصاحب الروضات .
پىنوشتها:
1) سبينوزا ) فيلسوف الهي شهير ولد في امستردام سنة 1632 وهو من انصار مذهبوحدة الوجود ( البانتيسم )قال الدكتور رابوبرت في شانه: انه كان مملوءا بحب الله حتىاصبح لايرى امامه الا الله، توفي سنة ( 1677 م ) .
2) فيلسوف الهي فرنسي ولد في باريس سنة 1638 كان يسعى في سبيل التوفيق بينالدين والفلسفة، وكانيقول: يجب ان نحب الله حبا تاما، توفي سنة ( 1715م ) .
3) عثرنا على كتبه الا القليل منها فوجدناها باللغة العربية سوى رسالة صغيرة بالفارسيةكتبها في مبادئعرفانية .
4) حاجاديس بوز هو عالمنباتي هندي يعد من مفاخر الهند في هذا العصر، اعترفت لهاوربا بما اسداه الىالمعارف الانسانية من يد، واعلنت فوزه بالوصول الى ما كان يتمنىالوصول اليه غير واحد من علمائها الذين بلغواالذروة العليا بتحقيقاتهم ، وهو الذياخترع الجهاز ( الكرسكوغراف ) المغناطيسي الذي يجعل الحركات التي لاترى بالعينالمجردة اكثر وضوحا بخمسين الف الف ضعف، واظهر به للملاء حياة النبات وحركته .
5) المجمع ) لعل المولف يريد اطلال اصطخر .
6) نيروز هو عيد الفرس الكبير ، يوم اول الربيع والسنة .
7) المجمع ) التوامين جمع تومان وهو نقد ايراني ذهبي وقيمته 8 فرنكات و 81سانتيما .
8) سياتي ذكر السيد في ضمن تراجم اساتذة صدر الدين .
9) عالم شهير له بعض الآثار العلمية، ولد سنة 1050 ه وتوفي 1112 ه .
10) الشيخ يوسف البحراني من كبار محدثي الامامية وفقائهم، ولد سنة 1107 ه ، وتوفيسنة 1186 ه .
11) لؤلؤة البحرين، ص131.
12) هو محمدباقر بن امير زينالعابدين من فضلاء المتاخرين، ولد في 22 صفر سنة1226 ه . بقصبة خونسار،وتوفي في 14 جمادى الاولى سنة 1313 باصبهان، وكتابهروضات الجنات في تراجم العلماء مشهور، طبع في ايرانفي سنة 1307 ه .
13) روضات الجنات، ج4، ص122.
14) كتاب اصول الكافي احد الكتب الاربعة المعتمدة في الحديث عند الامامية الامامالمحدث ابي جعفر محمدبن يعقوب بن اسحاق الكليني الرازي المتوفى سنة (328) او(329).
15) اسم هذه الرسالة «النفحات الملكوتية في الرد على الصوفية» .
16) لؤلؤة البحرين، ص131.
17) سلافة العصر، ص491.
18) امل الآمل، ج2، ص233.
19) راجع: لؤلؤة البحرين.
20) روضات الجنات، ج2، ص331.
21) قصص العلماء كتاب في تراجم العلماء لمؤلفه محمد بن سليمان التنكابني الموجود فيعصر ناصر الدين شاهقاجار .
22) قصص العلماء، ص329.
23) صاحب امل الآمل هو محمد بن الحسن الشهير بالحر العاملي ولد سنة 1033، ولم تثبتعندي سنة وفاته .
24) صنيع الدولة من فضلاء عصر ناصرالدين شاه وادبائه المشهورين وامرائه الاجلة .
25) الشواهد الربوبية ، صدرالدين الشيرازي، ص3 .
26) الاسفارالاربعة ، صدرالدين الشيرازي ، ج1 ، ص5 .
27) الاسفارالاربعة ، ج1 ، ص11 .
28) قم مدينة تقع على بعد 120 كيلومترا جنوب طهران الغربي، وكان بدء تمصيرها في ايامالحجاج بن يوسفسنة 83، يقدسها الايرانيون، وفيها دفنت اخت الامام علي بن موسىالرضا( عليهمالسلام )، وهي الآن تعد منالمدارس الدينية الكبرى، ويدرس فيها الفقهوالاصول والادب .
29) الاسفارالاربعة، ج1، ص6 - 7.
30) الاسفارالاربعة ، ج1 ، ص7 - 8 .
31) داماد بالفارسية الصهر اشتهر به لان اباه محمدا كان صهر الشيخ علي بن عبدالعالالكركي الشهير بالمحققالثاني بين علماء الشيعة، وكان مشهورا بالداماد، واشتهر به ابنهايضا .
32) استراباد بلدة صغيرة في نواحي قبائل ترك خراسان .
33) هو السيد نعمة الله الذي سبق ذكره .
34) وعد صاحب كتاب قصص العلماء من تلاميذه الشيخ حسين .
35) طبع في ايران .
36) قاضى سعيد قمى ولد سنة 1049ه . وتوفي سنة 1107ه .
37) الاسفارالاربعة ، ج1 ، ص9 .
38) الاسفار الاربعة ، ج1 ، ص13 .